عندما أجدني بلا أفكار عن مواضيع أكتب عنها، ألجأ إلى موقع Delicious بحثا عن أكثر المواضيع التي يفضلها مستخدمو انترنت، وقلما أعود خالي الوفاض. عثرت على مقالة قديمة نسبيا للشهير سيث جودوين، تقارن ما بين صبيتين وطريقة إدارة كل منهما لعملها الصيفي الخاص. الأولى
نصبت في الطريق طاولة لبيع عصير الليمون، مقابل دولار واحد للكوب، ورصت
الأكواب وحبات الليمون، كما تتوقع أن تجد في أي طاولة تقليدية لبيع لعصير
الليمون.
الثانية فكرت في طريقة غير تقليدية، حيث وفرت كوب عصير
الليمون بدون مقابل، لكنها مقابل هذه المجانية، وضعت قارورة زجاجية كبيرة،
ليضع العملاء فيها البقشيش أو الإكرامية أو التيب أو Tips. حين يأتي
الراغب في كوب ليمون منعش، تبدأ الصبية في انتقاء حبات الليمون، ثم عصرها
بيدها، ثم تضيف الثلج والماء والسكر حسب الطلب، ثم تقدم الكوب المنعش
لصاحبه، كل هذا وهي تجري حوارا مرحا مع طالب العصير، تحكي له فيه عن مزايا
وفوائد شرب كوب عصير ليمون منعش خلال النهار، كما وتنصح عملائها بألا
يضيفوا الكثير من السكر، لأن ذلك يساعدهم على تذوق طعم الليمون الطبيعي،
لتكون تجربة التذوق أفضل وأطعم.
ما يحدث بعدها هو أن شارب الليمون يختبر
تجربة تذوق مبهجة، وبينما يضع الكوب الذي شرب فيه بعدما انتهى منه، يجد
أمامه قارورة البقشيش، فيضع فيها ما يراه عادلا ويساوي التجربة التي مر
بها.
من نافلة القول أن الصبية الثانية جمعت من المال ما هو أكثر من الأولى.
الآن، سبق لي وتحدثت في تدوينة سابقة عن حقيقة أنك إذا قلدت قادة السوق، زدت من قوتهم،
وهذا يساعدنا على فهم ما حدث، فالحالة الأولى قلدت بقية سوق البيع: سلعة
مقابل سعر ثابت، ومنذ فجر التاريخ وحال البيع كذلك. في المثال الثاني،
تطبيق ذكي لما يسمونه فريميوم أو Freemium أو المالي المجاني، سلعة مجانية، فعلا لا احتيالا، وللمستخدم / العميل الحرية في دفع ماله مقابلها أو مقابل ما هو أكثر منها.
بعدما نشر سيث جودين هذه التدوينة، قرأتها أم لصبية تبيع الليمون
بدورها، ونصحت ابنتها بتجربة هذا الأسلوب في البيع، ومن الطريف أنها بدورها
حققت أرباحا أكثر.
إما أن تبتكر فتزدهر، أو تقلد فلا تبرح مكانك.
فقط للتوضيح، من يتبع مثل هذه الأساليب غير التقليدية في البيع، عليه أن
يكون مستعدا نفسيا لمن سيستغلون هذا النموذج دون دفع فلس واحد، وأظن أن
نسبة من سيدفع مقابل من لن يدفع ستكون ما بين 70 إلى 80% من عشاق أي شيء
مجاني، لكن النسبة الباقية ستكون سخية وكريمة، تعوضك عن تعب هؤلاء.
0 تعليقات
أضف تعليق