يكمل المؤلفان بفكرة جميلة: لا أحد يحب الزهور البلاستيكية! نحب كلنا
الزهور الطبيعة ونسعد بطلعتها ورائحتها الذكية، ونحزن حين تذبل وتموت. رغم
أن الزهور الصناعية لا تموت والروائح الاصطناعية متوفرة بكبسة زر، لكننا
معاشر البشر نحب أكثر الورد الطبيعي على قِصر عمره. الشيء ذاته في عالم
الأعمال. أصدقني القول، هل تحب أم تكره منظر هؤلاء المتأنقين المتكلفين في
جمال وأناقة خارجهم، وتجد ألسنتهم تتشدق بمختلف اللغات وحديث الكلمات، لكي
يجبروك على أن تظن بهم العِلم والخبرة والفهم، لكن ما أن يخرجوا من الغرفة
حتى تتنفس الصعداء وتسعد بغيابهم.
العالم كله كذلك، لا تقلق كثيرا من عيوبك ونواقص منتجك، لا أحد كامل في
هذه الدنيا، كلنا أبناء العيوب والنواقص. بل إن الجمال يكمن في النقص وعدم
الاكتمال. لا تبحث عن إنتاج منتج غاية في الجمال، اجعله نظيفا، لكن لا
تعقمه، اجعله منتجا من صنع بشر، لا صنع آلة ميتة المشاعر محكمة المقاسات.
دع آدميتك تظهر في منتجك وخدمتك، واحرص على أن تضفي الجانب الإنساني
الجمالي، فلا أحد يحب الورود الصناعية.
بعدها يؤكد الشابان على صعوبة الوصول إلى أشهر الصحف والمجلات العالمية
لكي تكتب عن منتجك وخدمتك، وينصحان بأن تركز على مواقع إنترنت الشابة
الواعدة التي لم تحظ بعد بالجماهيرية التي تجعلها متأنفة متعالية، بل إن
احتفاء هذه الأسماك الصغيرة بك سيجعل الحيتان الكبيرة تنتبه لك وربما ذكرتك
عندها. إذا لم تتحدث عنك جرائد مدينتك، ابحث عن مواقع ومنتديات مدينتك،
الأسماك الصغيرة ستكبر يوما، اكبر معها!
رغم امتعاضك من التشبيه، لكن عليك تقليد مروجي المخدرات، فهم يدركون أن
منتجهم عالي الجودة ومرغوب فيه، ولذا لا يمانعون من إعطاء نسخ مجانية
وهدايا عينية من منتجاتهم، لثقتهم أن المستهلك سيعود مسرعا لشراء نسخ أخرى.
مروج المخدرات يتقن صناعة منتجه، حتى يصل إلى درجة عالية من الجودة، تجعل
المستهلك مقبلا بشغف على شراء المزيد، وهذا ما عليك فعله، الوصول إلى درجة
عالية من الجودة تدفع المستهلكين للشراء. ستدفعك غريزة الكسل لتبرير هذا
المثال على أن العقل سيدمن أي مخدر، لكنك مخطأ في ظنك هذا، فالذهب إذا
بالغت في تنقيته أصبح لينا مرنا غير ذا فائدة.
ويعود الأمريكيان للتأكيد على مفهوم أن التسويق مهمة الجميع في أي شركة،
من أول عامل النظافة وحتى الرأس الكبيرة. كل مرة يرد فيها أحدهم على اتصال
هاتفي، فهذه قناة من قنوات التسويق والتي ستعطي نتائج إذا وجدت من يحسن
استغلالها، وكذلك يفعل الرد على الرسائل البريدية والنشر على موقع الشركة
والقائم على خزينة دفع الثمن وطباعة إيصال الدفع وكل شيء. إن الشرر على صغر
حجمه لكنه إن وقع على وقود أشعله وأقام الدنيا. كل هذه الصغائر قادرة على
إشعال نار مبيعات كثيرة، إذا أنت أحسنت استخدامها.
يظن البعض أن نجاح مايكروسوفت أو جوجل أو تويتر أو ابل أو هوندا أو
مرسيدس حدث ما بين ليلة وضحاها، ورغم بعض الحالات الفردية، لكن النجاح يأتي
بعد مشوار كفاح طويل. قبل هذا النجاح لن يلتفت لك أحد، عل عكس الحال بعده.
بدلا من إضاعة وقتك في تمني النجاح السريع، سارع لبناء أساس متين يقف عليه
نجاحك حين يأتي. اشغل نفسك بالعمل، وسيأتي النجاح حين يأتي!
بعدها يأتي فصل جديد، يركز على التوظيف، ويبدأ صديقانا بالنصيحة بألا
توظف أحدا في شركتك الناشئة، حتى تقوم أنت قبلها بما يفترض أن يقوم هذا
الجديد به. لم توظف شركة 37إشارة أي مدير أنظمة كمبيوتر، حتى قام أحدهم
بالتجربة على مر شهور كيف يثبت خوادم ويندوز وكيف يضيف ويحذف الكمبيوترات
من وإلى شبكة الشركة.
هذا شق، أما الشق الآخر فهو عدم توظيف أي جديد حتى تكون هناك حاجة مؤلمة
للغاية له، ومؤلمة لفترة طويلة، حتى أن القادم الجديد سيجد الكثير ليفعله
من أول يوم. رغم أهمية هذه النقطة، لكنهما يعودان ويؤكدان على نصيحة أخرى
ذات أهمية قصوى. إذا وظفت القادم الجديد، لا تحاول أن تشغله بأي شكل، ولو
بأعمال زائفة غير ذات دوى أو حاجة، فرغم أن هذه الأعمال زائفة، لكنها ستؤدي
لتكاليف ونفقات فعلية.
لا يقف قطار النصائح، إذ يحذر الكتاب بقوة من الاندفاع لتعيين موظفين
مهرة وخبراء في مجالهم، لكن شركتك ليست بحاجة إليهم في الوقت الحالي. قاوم
الرغبة الشديدة في توظيف الخبراء ثم بعدها تفكر في وظيفة تشغلهم بها. إن لم
تكن في حاجة بشعة لمثل هؤلاء، لا تفعل، لا تفاتحهم في رغبتك ضمهم إلى
فريقك. إن لم تكن بحاجة عارمة لهم، لا تضمهم لفريقك. أغلب الظن أنك حين
تحتاج لخبير فعليا ستجد غيرهم، أو ستكون في حالة تسمح لك بانتظار عودة
خبراء مثلهم إلى سوق العمل.
وأختم بنصيحة جميلة، إذ يحذر الكاتبان من خطورة الحفلات التي لا يعرف
أحد فيها الآخر. حين تسارع في توظيف القادمين الجدد بكثرة، فأنت في حقيقة
الأمر تدعو غرباء إلى حفل، لذا لا تتوقع منهم سوى الابتسامات الزائفة
والأحاديث المملة الرتيبة. هذا هو الشق الأول من النصيحة، الشق الآخر هو أن
تعطي الحرية والأمان لمن يعمل معك في أن يقف لك ويقول لك فكرتك هذه فكرة
حمقاء ستوردنا المخاطر وتجلب علينا الخسائر. من حقك كمدير ألا تعمل بنصيحة
مثل هذه، لكنك خاسر فاشل إذا منعت مثل هذه النصائح من الخروج في بيئة العمل
بكل شجاعة ودون عواقب وخصومات وطرد. قاتل من أجل مساحة حرية، لك ولغيرك من
أعضاء فريقك، في إطار الاحترام المتبادل. لا تضغط على شريان الأفكار،
فتنتهي بجسد ميت بارد.
على الجانب:
أشكر تفاعلكم مع فكرة المنتدى التي طرحتها في التدوينة السابقة، وأشكر
التحذيرات الكثيرة التي جائتني بخصوص مخاطر المنتديات، لكني أنوي جعل عضوية
هذا المنتدى الذي أفكر فيه قاصرة فقط على من لديه شركة ناشئة، غيرهم
يمكنهم فقط قراءة صفحات المنتدى، ولكل عضو مساحة يضع فيها طرق التواصل معه،
وبذلك تكون موضوعات المنتدى محدودة وفي العمق – فما رأيكم دام عزكم؟
0 تعليقات
أضف تعليق